
خاص - شبكة قُدس: في مساء 21 حزيران/يونيو 2025، أُسدل الستار على أحد أكثر القادة الإيرانيين تأثيرًا في المعركة المفتوحة ضد الاحتلال، بعد أن استهدفته غارة جوية إسرائيلية داخل مجمع سكني في مدينة قم. لم يكن سعيد إيزادي المعروف بلقب "حاج رمضان" مجرد ضابط في الحرس الثوري الإيراني، بل رمزًا خفيًا في معركة مفتوحة مع "إسرائيل"، ورجل المهمات الصعبة الذي ربط إيران بفلسطين عبر شبكات التمويل والتسليح والتدريب، ضمن محور المقاومة.
من طهران إلى غزة: سيرة رجل اختار فلسطين وجهته
وُلد إيزادي عام 1964 في محافظة قم لعائلة دينية متواضعة، ونشأ في بيئة مشبعة بثقافة الثورة الإسلامية والالتزام العقائدي. بعد نيله درجة البكالوريوس في الهندسة الإلكترونية من جامعة خواجه نصير الدين الطوسي في طهران، انضم إلى صفوف الحرس الثوري أثناء الحرب العراقية الإيرانية، حيث بدأ عمله في فرع الاستخبارات، قبل أن يُبتعث للتدريب العسكري المتقدم في أكاديمية الحرس.
مع نهاية التسعينيات، أُوكلت إليه مهام خارجية، بينها تطوير البنية الصاروخية لحزب الله في لبنان، وتأمين ممرات تهريب السلاح للمقاومة الفلسطينية عبر السودان. تلك المهام جعلت منه مهندسًا لوجستيًا بارعًا في خدمة القضية الفلسطينية التي يقول مقربون منه إنه يعتبرها "أمانة الأمة".
قائد "مكتب فلسطين" في فيلق القدس: فلسطين ليست هامشًا
ابتداءً من عام 2014، تقلّد إيزادي منصب قائد "مكتب فلسطين" في فيلق القدس، وهو القسم المكلف بقيادة عمليات الحرس الثوري في ساحة الصراع مع "إسرائيل". ومن موقعه هذا، أشرف على تحويل عشرات ملايين الدولارات سنويًا لحركتَي حماس والجهاد الإسلامي، كما أسس خلايا تصنيع صواريخ محلية داخل قطاع غزة، وفعّل شبكات تهريب السلاح من شرق إفريقيا وسوريا ولبنان، لتتدفق الأسلحة إلى المقاومة رغم الحصار.
وثائق استخباراتية أظهرت لاحقًا أن إيزادي لم يكن مجرد ناقل أو ممول، بل شريكًا كاملًا في إعادة هيكلة "محور المقاومة" كتحالف إقليمي يقف في وجه مشروع التفوق الإسرائيلي والغربي في المنطقة.
عشية طوفان الأقصى الذي بدأته كتائب القسام في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، كان اسم سعيد إيزادي حاضرًا في التقارير الإسرائيلية، التي أشارت إلى أنه كان على اطلاع على نية المقاومة تنفيذ هجوم واسع ضد مستوطنات غلاف غزة، لكنه لم يكن على معرفة بالتوقيت الذي كان فلسطينيا بامتياز. بل وبحسب هذه التقارير، طلب إيزادي من قادة حركة حماس عدم توسيع دائرة الإطلاع حول الخطط الهجومية حتى لا تتسرب للإسرائيليين، وقام من خلال موقعه بنقل ما لا يقل عن 100 مليون دولار إلى حماس بين 2021 و2023، إلى جانب تزويد المقاومة بصواريخ مضادة للدروع وطائرات مسيّرة انتحارية.
أزعج نشاط إيزادي "إسرائيل" ومن يرعاها. ففي عام 2019، أدرجت وزارة الخزانة الأمريكية اسمه ضمن قائمة العقوبات بموجب الأمر التنفيذي رقم 13224، بتهمة "تقديم الدعم المادي للإرهاب". بريطانيا تبعتها بخطوات مماثلة، مؤكدة على "الدور الحيوي لإيزادي في دعم الفصائل الفلسطينية المسلّحة". لكن هذه العقوبات، التي شملت تجميد الأصول ومنع التعاملات المالية، لم تنجح في تعطيل شبكة المقاومة التي بناها الرجل عبر عقود، بل عززت صورته كعدوٍ للنظام الإمبريالي.
الغياب الحاضر: استشهاد رجل الظل
في 21 حزيران/يونيو 2025، وبينما كانت الحرب الإيرانية-الإسرائيلية على أشدّها، قصفت طائرات الاحتلال شقة سكنية في قم، لتعلن مقتل سعيد إيزادي رسميًا. وزير الحرب الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، وصف العملية بأنها "نجاح استخباراتي كبير".
لم يكن إيزادي مجرد جنرال؛ كان همزة وصل روحية وعملياتية بين الجمهورية الإسلامية وقوى المقاومة في فلسطين. رجل حمل القضية الفلسطينية في قلبه قبل أن يحمل السلاح، ورأى في غزة ورفح وخانيونس وجنين ويافا والقدس ساحة اشتباك ومواجهة مع "إسرائيل" ومن يقف خلفها. غادر بصمت، كما عاش بصمت، لكن بصماته ستظل محفورة في معادلات القوة التي فرضت على العدو الاعتراف بأن "الزمن تغيّر"، وأن لفلسطين ظهيرًا استراتيجيا اسمه سعيد إيزادي.
انخرط الشهيد سعيد إيزادي في دعم المقاومة الفلسطينية منذ التسعينيات، فهو اللذي بنى شبكات الدعم والإسناد العسكري والمادي والفني للمقاومة الفلسطينية في الضفة وغزة. وعمل على إمداد المقاومة بكل ما تحتاجه من علم وخبرة ومال لتطوير منظومات الصواريخ والمسيرات والأنفاق وغيرها الكثير.
وكان الشهيد سعيد إيزادي على تواصل دائم مع قيادات المقاومة في غزة منهم : الشهيد محمد الضيف والشهيد عبد العزيز الرنتيسي والشهيد صالح العاروري والشهيد يحيى السنوار.
للمزيد من التفاصيل: إضغط هنا